الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.فصل في حجة القراءات في السورة الكريمة: .قال ابن خالويه: ومن سورة بني إسرائيل الإسراء:قوله تعالى: {ألا يتخذوا} يقرأ بالياء والتاء فالحجة لمن قرأه بالياء أنه رده على بني إسرائيل والحجة لمن قرأه بالتاء أنه جعل النبي عليه السلام مواجها لهم بالخطاب قوله تعالى: {ليسوءوا وجوهكم} يقرأ بفتح الهمزة علامة للنصب وبضمها وواو بعدها وبالياء والنون فالحجة لمن قرأ بفتح الهمزة أنه جعله فعلا للوعد وللعذاب والحجة لمن قرأه بالضم أنه جعله فعلا للعباد في قوله: {عبادا لنا ليسوءوا وجوهكم} ودليله قوله: {وليدخلوا المسجد وليتبروا} والقراءة بالياء في هذين الوجهين فأما النون فإخبار عن الله عز وجل أخبر به عن نفسه وخص الوجوه وهو يريد الوجوه والأبدان ودليله قوله تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه} يريد إلا هو والفعل في الإفراد والجمع منصوب بلام كي قوله تعالى: {كتابا يلقاه} يقرأ بتخفيف القاف وسكون اللام وبتشديدها وفتح اللام فالحجة لمن خفف أنه جعل الفعل للكتاب والهاء للإنسان والحجة لمن شدد أنه جعل الفعل لما لم يسم فاعله واسمه مستتر فيه والهاء للكتاب قوله تعالى: {أمرنا مترفيها} يقرأ بالتشديد والتخفيف فالحجة لمن شدد أنه أراد به الإمارة والولاية منها والحجة لمن خفف أنه أراد أمرناهم بالطاعة فخالفوا إلى العصيان وأما قول العرب أمر بنو فلان فمعناه كثروا والله آمرهم أي كثرهم وبارك فيهم.قوله تعالى: {فلا تقل لهما أف} يقرا بالكسر منونا وغير منون وبالفتح من غير تنوين فالحجة لمن نون أنه أراد بذلك الإخبار عن نكر معناه فلا تقل لهما القبيح والحجة لمن كسر ولم ينون أنه أراد إسكان الفاء فكسر لالتقاء الساكنين وفيها سبع لغات الفتح والتنوين والكسر والتنوين والضم والتنوين وأفى على وزن فعلى وزاد ابن الأنباري أف بتخفيف الفاء وبإسكانها وهي كلمة تقال عند الضجر ولو علم الله تعالى أوجز منها في ترك العقوق لأتى بها ومعناها كناية عن كل قبيح فإن قيل فلم جاز إجراء الفاء في أف لجميع الحركات فقل لأن حركتها ليست بحركة إعراب إنما هي لالتقاء الساكنين فأجروها مجرى ما انضم أوله من الأفعال عند الأمر بها وإدغام آخرها كما قال فغض الطرف إنك من نمير فلا كعبا بلغت ولا كلابا فالضاد تحرك بالضم اتباعا للضم وبالفتح لالتقاء الساكنين وبالكسر على أصل ما يجب في تحريك الساكنين إذا التقيا فإن قيل إفيجوز مثل ذلك في رب وثم فقل لا لأن هذين حرفان وحق الحروف البناء على السكون فلما التقى في أواخرها ساكنان حركت بأخف الحركات واتسع في أف لأنها لمنهى عنه كما وقعت إيه لمأمور به كما اتسعوا في حركات أواخر الأفعال عند الأمر والنهي.قوله تعالى: {إما يبلغن عندك الكبر} يقرأ بإثبات الألف بعد الغين وبطرحها وبتشديد النون في الوجهين فالحجة لمن أثبت الألف أنه جعلها ضميرا للوالدين وكناية عنهما لتقدمهما وأسقط النون التي هي علامة الإعراب لدخول حرف الشرط وأتى بنون التأكيد الشديدة وبني الفعل معها لأنها مانعة من الإعراب وكسرت تشبيها بنون الأثنين والحجة لمن طرح الألف أنه صاغ الفعل لقوله: {أحدهما} ونصب الكبر بتعدى الفعل إليه وأتى بالنون الشديدة لدخول إما على الفعل لأنها قلما تدخل على فعل إلا أتى فيه بالنون الشديدة للتأكيد فإن قيل فإذا رفعت أحدهما ها هنا بفعله فبم ترفعه مع الألف فقل في ذلك غير وجه أحدهما أنه يرتفع بدلا من الألف التي في الفعل والثاني أنه يرتفع بتجديد فعل مضمر ينوب عنه الظاهر والثالث أنه يرتفع على إعادة سؤال وإجابة كانه قيل من يبلغ الكبر فقل أحدهما أو كلاهما وعلى هذا الوجه يحمل قوله تعالى: {وأسروا النجوى الذين ظلموا} فإن قيل فلم خصا بالبر عند الكبر فقل إنما خصا بذلك وإن كان لهما واجبا في سائر الأوقات لأنهما عند الكبر يثقل عليهما الاضطراب والخدمة فخصا بالبر فيه لذلك وتقول العرب فلان أبر بوالديه من النسر لأن أباه إذا كبر ولم ينهض للطيران لزم وكره وعاد الفرخ عليه فزقه كما كان أبوه يفعل به قوله تعالى: {كان خطأ} يقرأ بكسر الخاء وإسكان الخاء وإسكان الطاء والقصر وبفتحهما والقصر وبكسر الخاء وفتح الطاء والمد فالحجة لمن كسر وأسكن وقصر أنه جعله مصدرا لقولهم خطئت خطأ ومعناه أثمت إثما والحجة لمن فتحهما وقصر أنه أراد الخطأ الذي هو ضد العمد ودليله قوله تعالى: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} وقال بعض أهل اللغة هما لغتان بمعنى كما قالوا قتب وقتب وبدل وبدل والحجة لمن كسر الخاء وفتح الطاء ومد فوزنه فعال من الخطيئة وهو مصدر كالصيام والقيام والعرب تقول هذا مكان مخطوء فيه من خطئت ومخطا فيه من أخطأت هذان بالهمز ومكان مخطو فيه من المشي بتشديد الواو من غير همز قوله تعالى: {فلا يسرف في القتل} يقرأ بالياء والتاء فمن قرأه بالياء رده على الولي لأنه غير مقصود بمواجهة الخطاب والحجة لمن قرأه بالتاء فالمعنى للولي والخطاب له وللحاضرين أي فلا تسرف يا ولي ولا أنتم يا من حضر ودليله قراءة أبي فلا تسرفوا في القتل ومعنى الإسراف أن تقتل عشرة بواحد أو يقتل غير القاتل لشرفه في قومه وخمول القاتل فيهم قوله تعالى: {وزنوا بالقسطاس} يقرأ بكسر القاف وضمها وهما لغتان فصيحتان والضم أكثر لأنه لغة أهل الحجاز ومعناه الميزان وأصله رومي والعرب إذا عربت اسما من غير لغتها اتسعت فيه كما قلنا في إبراهيم وما شاكله قوله تعالى: {كان سيئه} يقرأ بفتح الهمزة وإعراب الهاء وتنوينها وبرفع الهمزة وضم الهاء لأنها هاء كناية فالحجة لمن فتح الهمزة وأعرب الهاء أنه جعلها واحدة من السيئات ودليله أن كل ما نهى الله عز وجل عنه سيئ مكروه ليس فيه مستحسن لقوله خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا فالسيئ ضد الصالح والحجة لمن قرأه بالإضافة قوله مكروها ولو أراد السيئة لقال مكروهة لأنها أقرب من ذلك دليله أنه في قراءة أبي كل ذلك كان سيئاته عند ربك.فإن قيل لفظ كل يقتضي الجمع فلم لم يؤت بعده بجمع فقل ما بعده بمعنى الجمع وإن أتى بلفظ الواحد فمن أتى بعده بالجمع فعلى معناه ومن أتى بعده بالواحد فعلى لفظه قوله تعالى: {ليذكروا وما يزيدهم} يقرأ بالتشديد والتخفيف وقد ذكر القول فيه آنفا قوله تعالى: {عما يقولون} و{عما تقولون} {يسبح له} يقرأ ن بالتاء والياء فالحجة لمن قرأه {يقولون} في الموضعين بالياء والتاء مذكورة فيما مضى والحجة لمن قرأ: {تسبح} بالتاء قراءة أبي {سبحت له السموات} والحجة لمن قرأه بالياء أنه جمع قليل والعرب تذكره ودليله قوله تعالى: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم} و{قال نسوة} والعلة في ذلك أن الجمع القليل قبل الكثير والتذكير قبل التأنيث يحمل الأول على الأول والحجة لمن قرأ بعضا بالتاء وبعضا بالياء ما قدمناه من العلة في الجمع قوله تعالى: {أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا} مذكور في الأعراف والعلل فيه قوله تعالى: {لئن أخرتن} يقرأ بإثبات الياء وحذفها فالحجة لمن أثبتها أنه أتى به على الأصل والحجة لمن حذفها أنه أجتزأ بالكسرة منها فإن قيل لئن حرف شرط وحروف الشرط لا يليها إلا مستقبل أو ماض في معنى المستقبل فقل إن اللام حرف تأكيد يرفع بعده الفعل وإن حرف شرط ينجزم بعده الفعل فلما جمعوا بينهما لم يجز اجتماع الرفع والجزم في فعل واحد فعدلوا عن المستقبل إلى فعل لا يتبين فيه رفع ولا جزم فوجدوه الماضي فأولوه لئن في جميع المواضع فاعرفه قوله تعالى: {بخيلك ورجلك} يقرأ بإسكان الجيم وكسرها فالحجة لمن أسكن أنه أتى بالجمع على حقه لأنه جمع راجل والحجة لمن كسر فلمجاورة اللام لأن اللام كسرت للخفض وكسرت الجيم للقرب منها كما قالوا حجل وأنشد أرتني حجلا على ساقها فهش الفؤاد لذلك الحجل قوله تعالى: {أفأمنتم أن نخسف} أو {فيرسل} {فيغرقكم} يقرأ كله بالنون والياء فالحجة لمن قرأه بالنون أنه جعله من إخبار الله عن نفسه والحجة لمن قرأه بالياء أنه جعله من إخبار النبي صلى الله عليه عن ربه قوله تعالى: {ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى} يقرآن بالإمالة والتفخيم معا وبإمالة الأول وتفخيم الثاني فالحجة لمن أمالهما أنه دل بالإمالة على أنهما من ذوات الياء لأنهم يميلون الرباعي وإن كان من ذوات الواو فذوات الياء بذلك أولى والحجة لمن فخمها أنه أتى بالكلام على أصله لأنه قد انقلبت الياء ألفا لفتح ما قبلها فاستعمال اللفظ أولى من استعمال المعنى ومعنى ذلك ومن كان فيما وصفنا من نعيم الدنيا أعمى فهو في نعيم الآخرة أعمى وأضل والحجة لمن أمال الأول وفخم الثاني أنه جعل الأول صفة والثاني بمنزلة أفعل منك ومعناه ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى منه في الدنيا.قوله تعالى: {وإذا لا يلبثون خلفك} يقرأ بفتح الخاء وإسكان اللام وبكسر الخاء وألف بعد اللام ومعناهما بعدك وهما لغتان وليس من المخالفة قال الشاعر:قوله تعالى: {ونأى بجانبه} يقرأ بفتح النون والهمزة وبكسرها وبفتح النون وكسر الهمزة وإثبات الهمزة في ذلك كله وبفتح النون وتأخير الهمزة وفتحة قبلها كالمدة فالحجة لمن قرأه بفتحهما أنه أتى بالكلمة على أصلها لأنها في حقيقة اللفظ نأي على وزن فعل والحجة لمن قرأه بكسرهما أنه أمال الياء للدلالة عليها فكسر لها الهمزة ليقر بها منها بالمجاورة وكسر النون لمجاورة الهمزة كما قالوا شعير وبعير والحجة لمن فتح النون أنه بقاها على أصلها وكسر الهمزة لمجاورة الياء ومعنى ذلك كله بعد والاسم منه النأي والحجة لمن قرأه بتأخير الهمزة أنه أراد معنى ناء ينوء إذا نهض بثقل مطيقا لحمله ودليله قوله تعالى: {لتنوء بالعصبة} وأصله نوأ فانقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ومدها تمكينا للهمزة بعدها قوله تعالى: {حتى تفجر لنا} يقرأ بالتشديد والتخفيف فالحجة لمن شدد أنه أخذه من فجر يفجر ودليله قوله تفجيرا كما قال وكلم الله موسى تكليما والحجة لمن خفف أنه أخذه من فجر يفجر إذا شق الأنهار وأجرى فيها الماء قوله تعالى: {كسفا} يقرأ بفتح السين وإسكانها فالحجة لمن فتح أنه أراد به جمع كسفة كقولك قطعة وقطع والحجة لمن أسكن أنه شبهه بالمصدر في قولهم علم وحلم.قوله تعالى: {قل سبحان ربي} يقرأ بإثبات ألف على الإخبار وبطرحها على الأمر فالحجة لمن أتى به على الإخبار أنه اتى به على الحكاية عن الرسول عليه السلام وهي بالألف في مصاحف أهل مكة والشام والحجة لمن قرأه على الأمر أنه أراد ما لفظ به جبريل عليه السلام فكأنه قال قل يا محمد تنزيها لله ربي من قولكم قوله تعالى: {لقد علمت} يقرأ بفتح التاء وضمها فالحجة لمن فتح أنه جعل التاء لفرعون دلالة على المخاطبة والحجة لمن ضم أنه جعل التاء لموسى دلالة على إخبار المتكلم عن نفسه فإن قيل فما وجه الخلف في هذه الآية فقل الخلف في القرآن على ضربين خلف المغايرة وهو فيه معدوم وخلف الألفاظ وهو فيه موجود ووجه الخلف في هذه الآية أن موسى قال لفرعون لما كذبه ونسب آياته إلى السحر لقد علمت أنها ليست بسحر وأنها منزلة فقال له فرعون أنت أعلم فأعاد عليه موسى لقد علمت أنا أيضا أنها من عند الله قوله تعالى: {قل ادعوا} يقرأ بالضم والكسر وقد ذكر في البقرة قوله تعالى: {فهو المهتدي} يقرأ بإثبات الياء وحذفها وقد ذكر في الأعراف. اهـ.
|